الله تعالى يشهد برفق النبي
صلى الله عليه وسلم
قال الله تعالى:
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }آل عمران159
و يقول تعالى :
{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ ..}الفتح29
فبرحمة من الله لك ولأصحابك -أيها النبي- منَّ الله عليك فكنت رفيقًا بهم, ولو كنت سيِّئ الخُلق قاسي القلب, لانْصَرَفَ أصحابك من حولك, فلا تؤاخذهم بما كان منهم واسأل الله -أيها النبي- أن يغفر لهم, وشاورهم في الأمور التي تحتاج إلى مشورة, فإذا عزمت على أمر من الأمور -بعد الاستشارة- فأَمْضِه معتمدًا على الله وحده, إن الله يحب المتوكلين عليه. وصرح بأن ذلك المذكور من اللين للمؤمنين والشدة على الكافرين من صفات الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم.
ويفهم من هذه الآيات أن المؤمن يجب عليه أن لا يلين إلا في الوقت المناسب للين وألا يشتد إلا في الوقت المناسب للشدة لأن اللين في محل الشدة ضعف وخور والشدة في محل اللين حمق وخرق وقد قال أبو الطيب المتنبي :
إذا قيل حلم قل فللحلم موضع
وحلم الفتى في غير موضعه جهل
(أضواء البيان ج1/ص415)
أحاديث و أقوال للنبي عن الأمر بالرفق
1- الرفق في الأمر كله
عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله .
( رواه البخاري ومسلم)
2- إلا زانه
حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري حدثنا أبي حدثنا شعبة عن المقدام وهو بن شريح بن هانئ عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه.
(صحيح مسلم ج4:ص2004)
وعن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان الرفق في شيء قط إلا زانه ولا كان الخرق في شيء قط إلا شانه وإن الله رفيق يحب الرفق .
(رواه البزار بإسناد لين وابن حبان في صحيحه)
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها يا عائشة أرفقي فإن الله إذا أراد بأهل بيت خيرا أدخل عليهم الرفق.
(رواه أحمد)
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما أعطي أهل بيت الرفق إلا نفعهم .
(رواه الطبراني بإسناد جيد )
3- من ولي من أمر أمتي شيئا
حدثني هارون بن سعيد الأيلي حدثنا بن وهب حدثني حرملة عن عبد الرحمن بن شماسة قال أتيت عائشة أسألها عن شيء فقالت ممن أنت فقلت رجل من أهل مصر فقالت كيف كان صاحبكم لكم في غزاتكم هذه فقال ما نقمنا منه شيئا إن كان ليموت للرجل منا البعير فيعطيه البعير والعبد فيعطيه العبد ويحتاج إلى النفقة فيعطيه النفقة فقالت أما إنه لا يمنعني الذي فعل في محمد بن أبي بكر أخي أن أخبرك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به.
(صحيح مسلم ج4:ص1811)
4- من يحرم الرفق يحرم الخير
حدثنا محمد بن المثنى حدثني يحيى بن سعيد عن سفيان حدثنا منصور عن تميم بن سلمة عن عبد الرحمن بن هلال عن جرير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من يحرم الرفق يحرم الخير.
(صحيح مسلم ج4:ص2003)
5- إن الله رفيق يحب الرفق
حدثنا حرملة بن يحيى التجيبي أخبرنا عبد الله بن وهب أخبرني حيوة حدثني بن الهاد عن أبي بكر بن حزم عن عمرة يعني بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق ويعطى على الرفق ما لا يعطى على العنف وما لا يعطى على ما سواه. (صحيح مسلم ج4:ص2004)
6- والرفق في المطالبة
أخبرنا عيسى بن حماد قال حدثنا الليث عن بن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن رجلا لم يعمل خيرا قط وكان يداين الناس فيقول لرسوله خذ ما يسر واترك ما عسر وتجاوز لعل الله تعالى أن يتجاوز عنا فلما هلك قال الله عز وجل له هل عملت خيرا قط قال لا إلا أنه كان لي غلام فكنت أداين الناس فإذا بعثته يتقاضى قلت له خذ ما يسر واترك ما عسر وتجاوز لعل الله يتجاوز عنا قال الله تعالى قد تجاوزنا عنك.
(سنن النسائي الكبرى ج4:ص60)
حدثنا أبو كريب حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي عن داود بن قيس عن زيد بن اسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من انظر معسرا أو وضع له أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.
(سنن الترمذي ج3:ص599)
7- الرفق رأس الحكمة
أخبرنا أبو محمد إسماعيل بن رجاء العسكري ثنا أبو أحمد محمد بن محمد القيسراني ثنا أبو بكر الخرائطي ثنا علي بن الأعرابي ثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن جرير بن عبد الحميد الضبي عن منصور عن إبراهيم عن هلال بن يساف عن جرير بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الرفق رأس الحكمة.
(مسند الشهاب ج1:ص64)
8- الرفق بالمملوك
حدثني مالك انه بلغه أن أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق.
(موطأ مالك ج2:ص980)
وحدثني مالك انه بلغه أن عمر بن الخطاب كان يذهب إلى العوالي كل يوم سبت فإذا وجد عبدا في عمل لا يطيقه وضع عنه.
(موطأ مالك ج2:ص980)
وحدثني مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه انه سمع عثمان بن عفان وهو يخطب وهو يقول لا تكلفوا الأمة غير ذات الصنعة الكسب فإنكم متى كلفتموها ذلك كسبت بفرجها ولا تكلفوا الصغير الكسب فإنه إذا لم يجد سرق و
إذ أعفكم الله وعليكم من المطاعم بما طاب منها.
(موطأ مالك ج2:ص981)
فأوجب على مالكيهم الرفق والإحسان إليهم وأن يطعموهم مما يطعمون ويكسوهم مما يلبسون ولا يكلفوهم من العمل ما لا يطيقون وإن كلفوهم أعانوهم كما هو معروف في السنة الواردة عنه صلى الله عليه وسلم مع الإيصاء عليهم في القرآن كما في قوله تعالى:
(واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى ...إلى قوله... وما ملكت أيمانكم ).
(أضواء البيان ج3/ص30)
9- الرفق والد المؤمن
أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني أبنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن محبوب بنيسابور ثنا أبو يحيى زكريا بن يحيى البزاز ثنا محمد بن إبراهيم الصائغ ثنا رواد بن إبراهيم ثنا أبو يحيى عبد الكريم هو بن ميسرة عن مالك عن محمد بن عبيد الله عن أبي الدرداء قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العلم خليل المؤمن والعقل دليله والعمل قائده والرفق والده والبر أخوه والصبر أمير جنوده.
(مسند الشهاب ج1:ص122)
10- الرفق في المعيشة خير من بعض التجارة
أخبرنا عبد الرحمن بن عمر القزاز أبنا أبو سعيد هو بن الأعرابي ثنا محمد بن الربيع الجيزي ثنا يونس هو بن عبد الأعلى ثنا حجاج بن سليمان الرعيني قال قلت لابن لهيعة شيئا كنت أسمع عجائزنا يقلنه الرفق في العيش خير من بعض التجارة فقال حدثني محمد بن المنكدر عن جابر أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول الرفق في المعيشة خير من بعض التجارة.
(مسند الشهاب ج1:ص169)
11- من أعطي حظه من الرفق
أخبرنا عبد الرحمن بن عمر التجيبي أبنا أحمد بن إبراهيم بن جامع ثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم والقعنبي قالا ثنا عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي مليكة عن القاسم بن محمد قال سمعت عائشة تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من خير الدنيا والآخرة.
(مسند الشهاب ج1:ص274)
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها إنه من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة وصلة الرحم وحسن الجوار أو حسن الخلق يعمران الديار ويزيدان في الأعمار .
(رواه أحمد ورواته ثقات )
12- الرفق بالميت
ويستحب الرفق بالميت في تقليبه وعرك أعضائه وعصر بطنه وتليين مفاصله وسائر أموره احتراما له.
(مسند الشهاب ج1:ص274)
فالميت مشبه بالحي في حرمته ولا يأمن إن عنف به أن ينفصل منه عضو فيكون مثله به وقد قال صلى الله عليه وسلم كسر عظم الميت ككسر عظم الحي وقال إن الله يحب الرفق في الأمر كله.