المقدمــــــــــــة :
لقد كان للصحافة منذ ظهورها في تنميةالوعي للجماهير و المستوى الثقافي للأمم كما شملت الصحافة مجالات الاقتصاديةالاجتماعية السياسية كما أنها تأثرت بالغا بجميع المحطات التاريخية و أثرت فيهاتأثرا ملحوظا و عبرت عن وجودها و أهميتها البالغة في المجتمع و صارت تبحث عن مكانة . و مرموقة لها حتى أصبحت تشكل سلطة رابعة و الجزائر كغيرها من دول العالم تأثرتبتطور الصحافة و قد شهدت محطات تاريخية عدة أثرت في تقرير مصير الأمة و لا يسعني فيبحثي هذا إلا أن أتطرق إلى المسيرة الحافلة للصحافة الجزائرية .
فهل لعبت الصحافة المكتوبة دورا هاماو كان لها دورا و هل كان لها تأثير في تاريخ الجزائر ؟
المبحث الأول : تعريف الصحافة
المطلب الأول : تعريف الصحيفة
فرع (1) : تعريف اصطلاحي
هناك تعاريف متعددة و مختلفة لمصطلحالصحيفة بتعدد الزوايا التي ينطلق منها الباحث في تحديده لمفهومها و باختلاف العصورالتي و ضعت فيها التعاريف و من بين هذه التعاريف النقترحة نجد تعريف الدكتور محمدرواس قلعاجي " الصحيفة بفتح الصاد جميع صحائف و تعني قطعة القرطاس أو الورق التيكتب فيها "... صحف ابراهيم و موسى "(1) .
و نفس التعريف تقريبا و ضعية الفيروزابادي في قاموس محيط للمعلم بطرس البستاني اذ يعرفها بأنها "قطعة القرطاس أو الورقالتي يكتب فيها و الصحفي من يخصأ في قراءة الصحيفة و من يأخذ العلم من الصحيفة لامن الأستاذ , و يعتبر هذين التعريفين للصحيفة من أبسط الصور السطحية القديمة التيأعطيت لها و من التعاريف الحديثة نجد الدكتور خليل صابات الذي يقول : " الصحيفةاضمامة من الصحفات تصدر يوميا أو في مواعيد محددة أو منتظمة بأخبار السياسة والاجتماع و الاقتصاد و الثقافة و ما يتصل بذلك و جمعها صحف و صحائف (3)
كما يعرفها الدكتور علي حريشة بأنها " مصبوع دوري ينشر الأخبار السياسية و الاقتصادية و الثقافية و العلمية و التقنية والتاريخية و يشرحها و يعلق عليها " (4)
و انطلاقا من هذه التعاريف التي و ضعهاالعلماء يستطيع إن نقترح تعريفا للصحيفة
فرع (2): التعريف الإجرائي:
" الصحيفة مطبوع من الورق يصدر يوميا أوفي أوقات محددة يهتم بتزويد الجمهور بمختلف الأخبار السياسية و الاجتماعية والاقتصادية و الرياضية و غيرها بشيئ من التعليق و التحليل .
(1) د/ محمدرواس فلعلجي حرون
المطلب الثاني : و ضائف الصحافة
كغيرها من وسائل الاتصال الأخرى فإنللصحافة المكتوبة عدة و ضائف نذكر منها ما يلي :
فرع (1) : وظيفة إعلامية و إخبارية :
حيث تعمل على تحذير المجتمع من الأخطارالطبيعية ( الحرب الوباء ....) و تنقل معلومات نفعية كالأخبار الاقتصادية السياسية ...إلخ كما أنها تعطي معلومات مفيدة للفرد و تضفي عليه و احتراما و نمكنه من ممارسةقيادة الرأي و لكنها قد مشاكل اجتماعية و نفسية و اقتصادية كالإحساس بالفقر والحرمان و اللامبالاة ....إلخ
و للأخبار فائدة محققة للطبقة الحاكمةلأنها تعطيها معلومات مفيدة لزيادة نفوذها و تقويته و الكشف عن الانحراف والمنحرفين و التأثير على الرأي العام عن طريق المراقبة و السيطرة و إضفاء الشرعيةعلى السلطة و لكنها قد تهدد الطبقة الحاكمة عندما تظهر نواحي الضعف لذلك سميالاتصال عموما بالسلطة الرابعة .
فرع(2) : وظيفة تربية تعليم وتثقيف و ترفيه .
اذا كانت الصحافة المكتوبة تدور حولالمشكلات الراهنة و غيرها من المسائل التي تثير الجدل و التأويل فإن التعليم يقدموجهات نظر ثابتة ولا شك أن التعليم يساعد على تنمية الفكر و تقوية ملكية النقد وتربية الشخصية الإنسانية .
وهذا ما يجعل وظيفة التربية بأخذ أهميةبالغة لاسيما بفضل وسائل الإعلام عموما و الصحافة خاصة فهي لا تعتبر وسيلة مساعدةللتعليم فقط بل صارت أداة ضرورية للتربية الشاملة و الدائمة للأجيال و لاسيماالشباب إذ أصبحت الصحافة قطاعا أساسيا في توجيههم .
وحيث تعمل الصحافة المكتوبة على بثالأفكار و المعلومات و القيم التي تحافظ على ثقافة المجتمع و تساعد على تنظيمأفراده و تنشئهم علىالمبادئ الصحيحة التي تسود المجتمع .
وهذهالوظيفة ذات أثر نفسي وإيجابيللتنفيس على المتاعب و الآلام و لكنها قد تجعل المجتمع يغرق فيمشاكل وحالات من الفساد مما يؤدي إلى تفكك المجتمعمن الناحية السياسية وتساهم الصحافةالمكتوبة في تمكين الجمهور أو أعضاء المجتمع من الفراغ بشتىالوسائل و المواد الإعلامية من كلمات متقاطعة و تحقيقات و ألعاب للتسلية
فرع (3) : الوظيفة الاستشارية :
لم تعد الصحافة تكتفي بنقل الوقائعالاجتماعية و إنما هي تتدخل الآن إلى حد ما بشكل نشيط في مسرح الوقائع لتبدي رأيهاالخاص أي أنها تقدم المشروع و الرأي خاصة منها صحافة الرأي .
المطلب الثاني : أنواع الصحف : تنقسمالصحف إلى عدة أنواع تبعا للمحتوى و الشكل و النظام السياسي و الإعلامي الذي تعيشفيه .
فرع (1) : من حيث التخصيص :
أ- الصحفالمالية و الاقتصادية : يهتم هذا النوع من الصحف بالشؤون المالية و الاقتصادية كماأنها تهتم بمشكلات التنمية و المجتمع و الصحف المالية تظهر دور التكنولوجيا فيعملية التنمية و التغيير كما أنها تهتم بدراسة التضخم المالي و البطالة و العلاقاتالاقتصادية بين مختلف الدول .
ب- الصحف السياسية : و يركز هذا النوع من الصحف على الناحية السياسية في المجال المحلي و الدولي و منالمعلوم أن هذه الصحف تنتمي إلى جماعات الضغط التي تؤيد إيديولوجية معينة .
ت- الصحف العلمية : و تهتم هذه الأخيرة بكل ما جد في جميع النواحي العلمية و التكنولوجية و مسايرةالركب الحضاري و التقدم العلمي
هذه بعض أنواع الصحف المتخصصة مع الإشارةإلى ندوة مثل هاته الصحف في الجزائر .
فرع (2) : من حيث الملكية :هناك صحفتابعة للقطاع العام ( أي الحكومة أو النظامالقائم ) و صحف خاصة تابعة للقطاع الخاص أي مستقلة
فرع ( 3) : من حيث الانتشار :
أ- الصحفالمحلية : و ترتكز على مناطق جغرافية محددة مثل العناب النهار الأوراس ...
ب- الصحف الوطنية : و هي الصحف التي توزع على المستوى الوطني من أهم مميزاتها أنها تحتوي على عددكبير من الموضوعات المتميزة : أهمها الأخبار الدولية و المحلية و الوطنية كالفن والثقافة و الرياضة ... أما الصحف الأسبوعية أو النصف شهرية فيطلق عليها اسمالمجلات.
المبحث الثاني : نشأة وتطورالصحافة المكتوبة في الجزائر :
لقد قسمنا في بحثنا هذا المراحل التي مرتبها الصحافة المكتوبة في الجزائر منذ نشأتها إلى يومنا هذا إلى المراحل ثلاثة هي :
المطلب الأول: مرحلة النشأة :
إن تاريخ الصحافة المكتوبة في الجزائر وكغيرها من بلدان العالم الثالث مرتبط بظاهرة الاستعمار الحديث الذي تعرضت له على يدالغزاة و المن حيث و باعتبار الصحيفة أداة هامة للإعلام و التوجيه علمت الدولالاستعمارية على استخدام هذه الوسيلة لتزويد فواتها بالأخبار والمعلوماتحول المناطق التي ترغب في الاستيلاء عليها كما تستعملها في عزل هذه الشعوبعن المحيط الخارجي لاغتصابها و تحقيق أطماعها التوسعية . و كغيرها من الدول المستعمرة و عرفتالجزائر هذا النوع من وسائل الإعلام مع نزول القوات الاستعمارية حيث أن أول ما قامبه الغزاة و قادة الحملة الفرنسية هو إصدارهم لجريدة لتزويد رجال الحملة بالأخبارحيث يقول زهير احدادن " أول جريدة ظهرت في الجزائر هي : lestafet التي أعدت داخل البواخر الاستعمارية التي غزت الجزائر سنة 1830 sidi frradj (1) .
(1) د/ زهير احدادن : مدخل لعلوم الاعلامو التصال .... ديوان المصبوعات الجامعية الجزائر ط 2 1993 ص 91
و نضرا لما تكتسيه الصحيفة كوسيلةإعلامية هامة و دور كبيرين في التأثير و السيطرة على عقول الشعوب و توجهاتهم وأرائهم عمل المستعمر على إنشاء إصدار عناوين عديدة و قد سخرت لذلك إمكانيات مادية وبشرية ضخمة هذه العناوين التي تكتب باللسان الفرنسي و التي لها توجه استعماري عرفتتزايد مستمر م جميع النواحي خاصة تعدد العناوين .
" و بقي واقع الصحافة الجزائرية سواءالصادرة باللغة العربية أو الفرنسية علىهذه الحال حتى سنة 1944 حيث و فيهذه السنة أعطيت بعض الحقوق المدنية للجزائريين من طرف الجنرال ديغول فزالت شيأ ماهذه العرقلة (1)
و في هذه الأثناء و بعد التخفيفات التيقامت بها السلطات الاستعمارية في قطاع الإعلام صدرت عدة جرائد نذكر منها تلكالعناوين التي ظهرت خاصة في الشرق الجزائري منها المنتقد بقسنطينة في سنة 1925 كذلكالشهاب في نفس السنة و التي كان يديرها عبد الحميد بن باديس ابتداء من سنة 1929لتتحول إلى مجلة ثقافية دينية إصلاحية سرعان ما تراجعتالسلطاتالاستعمارية عن إجراءات التخفيف أثناء الحرب العالمية الثانية لتقويم بمصادرة وتوقيف كل تلك الصحف باستثناء التي توزع في الخفاء حيث كان للأحزاب السياسية التيتنشط أنذاك جرائد ناطقة باسم كل هذه الأحزاب و من بين هذه الجرائد السرية نذكر " الجزائر الجمهورية " التي كانت تصدر عن الحزب الشيوعي الجزائري و في ذلك الوقت " ثمصدرت بعد الحرب
(1) د/ زهير احدادن : الصحافةالاسلامية الجزائرية م بدايتها إلى 1930 مرجع سابق 38/39
جريدة الجزائر الجمهورية و كانت تصدرباللسان الفرنسي لما كان يسمى في الجزائر بالحرب الشيوعي الجزائري (1)
و كانتفي نفس الوقت جرائدكثيرة إلا أنه محضورة من طرف السلطات الفرنسية و بالتالي فهي تصدر خفية و من بينهذه الجرائد يذكر الزبير سيف الإسلام في كتلبة العلامو التنمية جريدةالجزائر الحرة التي تصدر باللسان الفرنسي هذه الجريدة كانت تصدر خفية و ممنوعةلكونها تمثل وجهة نظر الحركة الوطنية التي كانت تحضر للثورة المسلحة بالإضافة إلىهذه الجرائد لا يمكننا ان نغض النظر عن تلك المنشورات التي كانت توزع داخل و خارجالوطن و كذلك الجرائد التي كان يصدرها حزب الشعب على غاية سنة 1954 .
"... و كان ذلك بداية للصحافةالاستعمارية باللغة الفرنسية عرفت ازدهارا كبيرا لم ينته سنة 1962 " (2).
ومن هنا يتضح أن الصحافة الاستعماريةباللغة الفرنسية عرفت تطور خلال ربع قرن من حيث العناوين و لكن و لانتشار الأميةبشكل واسع وضعف القراءة باللغة الفرنسية عمل المستعمر على إصدار جرائد ناطقة باللغةالعربية خدمة لمصالحة و المتعاملين معه حيث اسند التحرير لبعض المستشرقينالمستوطنين و بعض الجزائريين الذين يخدمون مصالحة حيث " ظهرت جريدة باللعة العربيةفي الجزائر يوم 15 سبتمبر 1948 بعنوانالمبشر و التي تمثل الورقة الخبريةالرسمية الجزائرية تصدر مرتين في الشهر " (3)
وظهرت عناوين متعددة من هذه الجرائد التيتصدر باللغة العربية و تخدم المصالح الاستعمارية و لكن الشيء الملاحظ أن هذهالجرائد لم تلق رواجا نظرا لتوجهها و كذلك ضعفها من جميع النواحي .
(1) الزبير سيف الاسلام : الاعلام والتنمية في الوطن العربي الجزائر ط 2 1982 ص 43
(2) د/ زهير احدادن : مدخل لعلوم الاعلامو الاتصال مرجع سابق
(2) د/ زهير احدادن : الصحافة الاسلاميةالجزائرية من بدايتها إلى 1930 مرجع ص 22
أما الصحافة الجزائرية النضالية والمناهضة للاستعمار فإنها لم تظهر إلا بعد فترة من الزمن و ذلك راجع للاضطهاد والقوانين التعسفية التي وضعتها سلطات الاحتلال و ذلك انطلاقا من المادة السادسة منقانون الإعلام الفرنسي الخاصة بالمتصرف أو المسؤول الشرعي عن الجريدة حيث تتطلب منهأن يتمتع بجميع حقوقه المدنية و أن لا يكون محكوما عليه و هذه الحقوق لا يتمتع بهاالجزائريين طبعا .
و لكن في المقابل عمل بعض الجزائريين علىإصدار عدة جرائد مع إسنادإدارتها إلى بعض المستوطنين و في هذا الصددنستطيع أن نذكر جريدة المنتخب " جريدة أسبوعية تصدر باللغة الفرنسية و العربيةمديرها بول أنيان مورا كانت أول جريدة اهتمت بشؤون المسلمين الجزائريين السياسية " (1) .
و بعد الاندلاع الثورة الجزائرية ازدادالاهتمام بالجانب الإعلامي بصفة عامة حيث كثرت في هذه الأثناء عدد المنشورات التيتوزع من قبل أعضاء الحركة الوطنية لكن الملاحظ في هذه المرحلة الجديدة من تاريخالجزائر هو تمركز العمل الاعلامي و الصحفي بصفة عامة بيد الحركة الوطنية ( حركةجبهة التحرير الوطني ) التي عمل رجالها على إنشاء جرائد ناطقة باسم الحزب و ذلكبالاعتماد على الكفاءات التي تكونت من قبل " و رأي رجال جبهة التحرير الوطني أنيصدروا في سنة 1956 جريدة المجاهد في طبعتين أحدهما بالعربية و أخرى بالفرنسية " (2)
هذه الجريدةالتي كانت تطبعبإمكانات جد متواضعة كان لها دور و تأثير كبيرين على الصعيدين الوطني و الدولي حيثكانت تستعمل في توعية المواطنين و تجنيدهم للكفاح المسلح كما حملت مع وسائل الإعلامالتي كانت تستعملها الثورة الجزائرية آنذاك لإشعار الرأي العام الدولي بعدالةوحقيقة الثورة الجزائرية المجيدة .
(1) د/ زهير احدادن : الصحافةالاسلامية الجزائرية من بدايتها إلى 1930ص 23
(2) د/خلي الإصابات : الصحافة الاسلاميةالجزائرية من بدايتها إلى 1930ص 115
المطلب الثاني : تطور الصحافةالمكتوبة بعد الاستقلال :
إن الجزائر كدولة بعد الاستقلال كان لهاشعور قوي بمكانة وسائل الإعلامالجماهري بصفة عامة و الصحافة المكتوبةبصفة خاصة نظرا للدور الذي تستطيع أن تقوم به هذه المؤسسة في تشييد و تنظيم المجتمعو كذلك في التوعية و دفع عجلة التنمية بالتأثير على الجماهير و تجنيدهم لذلك عملتالجزائر المستقلة على رسم الأهداف التي ترمي إلى تحقيقها و تغيير اتجاهه من إعلامحربي إلى إعلام في خدمة التنمية " و هنا بدأت عملية تحويل الإعلام و الصحافة فيالجزائر من إعلام حربي إلى إعلام بناء و تشييد المجتمع " (1)
و انطلاقا من هذه الإستراتجية لتي رسمتهاالحكومة الجزائرية المستقل عملت على فرض سيطرتها على القطاع الحساس و بالتالي قامتمباشرة بعد الاستقلال بتأميم و مصادرة هذا القطاع انطلاقا من مصادرة الصحف التيكانت موجودة في الجزائر التي يقوم بتمويلها و إدارتها الأجانب حيث " ففي سنة 1963اجتمع المكتب السياسي لجبهة التحرير الوطني و قرر تأميم هذه الصحف باستثناء ALGERIE REPUBLICAN التيكان يسيرها أشخاص يتمتعون بالجنسية الجزائرية " (2)
من هنا يتضح أن العمل قامت به السلطاتالجزائرية هو استرجاع و تأميم الصحف الأجنبية و فرض سيادتها على قطاع الاعلام والصحافة لكن هذا لم يمنع من إبقاء بعض العناوين التي يتملكها الخواص الذين يتمتعونبحق المواطنة و الجنسية الجزائرية .
و يرجع ذلك أو يتجلى ذلك " في استمرارقانون الاعلام الفرنسي الصادر سنة 1881 الذي ينص على الملكية الخاصة للصحافة " (3)
و لكن الحكومة الجزائرية و بتبنيهاللنظام الاشتراكي عملت على إقامة نظام اشتراكي في مجال الإعلام و بالتالي الهيمنة وفرض السيطرة على النشاط الإعلامي
(1) الزبير سيف الاسلام : الاعلام والتنمية في الوطن العربي مرجع سابق ص 43
(2) د/ زهير احدادن : مدخل لعلوم الاعلامو الاتصال مرجع سابق ص 96
(2) د/ زهير احدادن : نفس المرجع السابقص 97
و على مختلف المؤسسات الإعلامية بما فيهاالمؤسسات الصحفية ودور النشر فقامتبإصدار صحف تابعة للدولة و ناطقة باسمالحزب خدمة للسياسة و الأهداف العامة للحكومة و كذلك لمنافسة الصحف التابعة للقطاعالخاص و في هذا الصدد و بالإضافة إلى صحيفة المجاهد الأسبوعي التي دخلت إلى أرضالوطن بعد الاستقلال مباشرة ظهرت هناك صحف يومية للمرة الأولى "... ففي 19 سبتمبرتظهر اليومية الجزائرية الأولىالتابعة للدولة الفرنسية و هي تحمل اسمالشعب ثم صـــــــدرت LE PEUPLE عندما بدأت تظهر يومية أخرى باللغةالغربية في 11 ديسمبر 1962 و هي تحمل كذلك اسم الشعب " (1)
لكنالشيئ الملاحظ على السياسة الجزائرية في المراحل الأولى من الإستقلال لم تهتمبالعمل الصحفي على مستوى وطني فقط بل تعدى ذلك باصدار جرائد على المستوى الجهوي هذهالصحف الجمهورية و الوطنية كانت موجهة أساسا للمساهمة في التنمية و التعبئة لخدمةالبلاد و ازدهارها و ترسيخ مبادئ جبهة التحرير الوطني أما الهيمنة الكلية للحكومةعلى العمل الصحفي فإنه يتجلى بعد مؤتمر جبهة التحرير الوطني الذي إنعقد سنة 1964الذي أوصى بإجراء مفاوضات مع مسؤولي يومية ALGER REPUBLICAN حتى يتم إدماجها في الصحف الحكومية و توقفها في 19جوان 1965 و تمت بذلك هيئة الحكومة على الصحف اليومية و بتأسيس الشركة الوطنيةللنشر و التوزيع سنة 1966 حيث لم يلاحظ بعد ذلك اصدار أي جريدة خاصةبالرغم من عدم و جود أي قانون يمنع ذلك بهذه العملية تكون الحكومة الجزائريةقد أرسلت نظام إعلامي قائم على هيمنة الدولة على المؤسسات الصحفية على المستوىالوطني الجهوي و تسخيرها في تعبئة الجماهير في خدمة و ترسيخ مبادئ حزب جبهة التحريرالوطني و إخضاعها للمركزية بحلول 1976 "... فبدأت بتأميمها ثم أخضعتها للمركزيةبحلول سنة 1976 و هو تاريخ صدور الميثاق الوطني الذي حدد المهام الأساسية للإعلام ومبادئ و وساؤله المختلفة في العمل على تعبئة الجماهير لخدمة البلاد " (2) .
(1) د/ زهير احدادن : مدخل لعلوم الاعلامو الاتصال مرجع سابق ص 96
(2) مجلة الإعلام و الاتصال : معهد العلوم الإعلام و الاتصال الجزائر العدد 9 1992
نفس هذا الطرح نجده في الإعلام المنبثقةعن المؤتمر الرابع لحزب جبهة التحرير الوطني سنة 1979 حول تدعيم مواقف الحزب والعمل على نشر أفكاره و تبسيطها لكافة شرائح المجتمع و تعزيز الحملات الإعلامية ضدأي موقف أو رأي يتنافى و مبادئ الثورة .
فلقد تميزت المرحلة الممتدة من 1962 إلى 1988 بالهيمنة الكلية للدولة الجزائرية على المؤسسات الإعلامية خاصة الصحافة و ذلكبمراقبة و توجيه الصحافة و في هذا الصدد يقول الأستاذ براهيمي في رسالة دكتوراهالدولة : " السلطة و الصحافة في الجزائر "
" إن الفترة الأولى من الاستقلال 1962- 1965 تميزن بتسيير السياسيين لوسائل الإعلام و انطلاقا من سنة 1965تولى موظفون إداريون المسؤولية " (1) ,
إلا أن السياسة الجزائرية فيالإعلام تضمنت جوانب سلبية تتمثل في كون الجمهور لا يجد ما يطلبه أو يلبي رغبة بلكان الإعلام اداة في خدمة الحزب إذ كان المصدر الأخبار في هذه الفترة ينبع من جهةواحدة " الحكومة " كما أن البيروقراطية تطغى على القائمين بالإعلام الأمر الذي نتجعنه أسلوب رديء و معلومات ناقصة الموضوعية .
(1) مجلة الإعلام والاتصال : معهد علوم الإعلام و الاتصالص 56 /57
المطلب الثالث : الصحافة الجزائريةبعد أحداث اكتوبـــــر 1988
ان استعرض تطور الصحافة في الجزائر منذالاستقلال يوضح بما لا يدع للشك السيطرة التي فرضت عليها من طرف السلطةفقد تم توجيهها لخدمة أهداف معينة و سلطت الرقابة على كل مل يخالف في أرائهو توجيهاته النظام السياسي القائم و قد دامت هذه الوضعية حتى صدور دستور 1989 الذيأسس الديموقراطية و فتح مجال التعددية السياسية في البلاد .
و إذا كان الدستور قد وضع الأطرالقانونية الكبرى لهذه التعددية و منه حرية التعبير فإن أحداث أكتوبر 1988 تمثلمعلما هاما في تاريخ الجزائر المعاصرة و دفعت السلطة على فتح مجالات التعبير وال و ذلك باعتبارهاصرخة للمطالبة بالتعبير على المستويات و رفعالحواجز المعنوية و القانونية أمام ابداء الأراء و تبادلها بين جميع المواطنين و قدجاء في المادة 39 بان حريات التعبير و إنشاء الجمعيات و الاجتماع مضمون للمواطن وهنا يبرز الارتباط الوثيق بين التعددية السياسية و حرية التعبير تمثل مؤشر هاما ومجالا مناسبا لإبداء الرأي و تبادل الأفكار و الدفاع عن الاتجاهات السياسية . و لأن الدستور لايمثل إلا إطارا عاما كانمن الضروري و ضع قانون يحدد المهنة بعد أن أصبح القانون القديم لا يتماشى و الواقعالجديد الأمر الذي استدعى إصدار القانون رقم 90/07 الذي يحدد قواعد و مبادئ ممارسةحق الإعلام (1) .
و الذي واجه نقد كبير من طرف الصحفيينعامة إذ أنه لم يركز إلا على الجانب العقابي و الذي ينتظر الصحافي إذا تجاوز الحدودالموضوعية في هذا القانون و التي اعتبرها أصحاب المهنة في عمومها غير دقيقة و ترتكزعلى تفسير المصلحة العليا للبلاد حسب رأي السلطة و لقد عرفت هذه السنوات الأخيرةظهور تعددية إعلاميةخاصة في الصحافة المكتوبة التي ساهمت في التعريفبمختلف الاتجاهات السياسيـة
(1) قانون الإعلام : المركز الوطني لوثائق الصحافة و الإعلام 1 شارع موريس اودان الجزائر 91
في الجزائر و أعطت الموثقين الصحافيينخاصة و المواطنين عامة فرصة في الإعلام و الترقب منه بإبراز مشاكل و طموحات تحاولجاهدة لأداء دورها في المجتمع .