حصلت الجزيرة على نسخة من لائحة "المجاهدين في الإمارة الإسلامية" في أفغانستان والتي أصدرتها قيادة
حركة طالبان أو ما يعرف بأهل الحل والعقد في الإمارة الإسلامية وعلى رأسهم الملا محمد عمر زعيم طالبان.
ووضعت اللائحة -المؤرخة في التاسع من مايو/أيار 2009 وجاءت في 13 فصلاً و67 مادة مفصلة، ودونت في كتيب من 65 صفحة- ضوابط لقتل الرهائن، كما أنها تعيد تنظيم عمل الحركة.
تعتبر لائحة المجاهدين مرجعاً ملزماً لقيادة الحركة وأفرادها كما أن فصولها وموادها أقرب ما تكون إلى فصول ومواد دساتير الدول أو قوانينها الأساسية غير أنها أشبه بالقوانين من حيث التفاصيل.
بينت اللائحة في مقدمتها أن الداعي لها مقتضيات الوضع الراهن في أفغانستان وأن مصدرها الشريعة الإسلامية، وأن قيادة الإمارة الإسلامية وعلماءها وضعوا هذه المبادئ حتى يتمكن المسلم أو المجاهد من تحديد هدفه ومواجهة الأعداء.
ووضحت بداية ما سيرد بها من مصطلحات من قبيل الإمام والمقصود به الملا محمد عمر.
وقد جاء الفصل الأول منها بعنوان
القضايا الأمنية واحتوى على مواد ونصوص عدة أهمها أنه يمكن لأي مسلم أن يوجه الدعوة لموظفي "الحكومة العميلة" لكي يتركوا وظائفهم، ومن يقبل هذه الدعوة يعتبر آمناً على نفسه بأمر مسؤول طالبان في الولاية أو المديرية.
وفي مادة أخرى إذا تعرض أحد المجاهدين لمن أعطي الأمان فإنه يقدم لمحاكمة.
أما الفصل الثاني فجاء بعنوان
السجناء ومن مواده أنه إذا اعتقل "كافر محارب" فيمكن قتله أو مبادلته أو أخذ الفدية من باب مصلحة المسلمين، وصلاحيات ذلك للإمام أو نائبه، وإذا استسلم جنود للمجاهدين فإنهم لا يقتلون ويكافؤون إذا سلموا أسلحتهم.
بينما تحدث الفصل الثالث عن
العملاء وجاء فيه أنه إذا ثبت أن شخصاً يتجسس لصالح "الأعداء" فإنه يعتبر مفسداً ومن حق الوالي أن يعزره أو ينفيه، ومن حق الإمام وحده أو نائبه أن يقرر في قتله.
وبين الفصل الرابع أحكام
المتعاقدين مع الأعداء ومن يقدمون دعماً لوجستيا لهم، أما الفصل الخامس فبين أحكام
الغنائم، بينما تناول الفصل السادس أمور
الإدارة، في حين تطرق السابع
للأمور الداخلية للمجاهدين، والثامن تناول
التعليم والتاسع
المؤسسات والشركات، وبين الفصل العاشر كيفية
التعامل مع شؤون الأمة.
أما الفصل الحادي عشر فبين
المحظورات، والثاني عشر
نصائح للمجاهدين والأمة، أما الثالث عشر والأخير فشمل
توصيات بشأن هذه اللائحة حيث لا يحق لأحد تغيير بنودها ويعتبر أي تغيير من صلاحيات الأمام.
وأبرز ما يمكن استخلاصه من هذه اللائحة -حسب مدير مكتب الجزيرة في كابل سامر علاوي- هو أن الإمامة أو الزعامة السياسية هي بلا منازع للملا محمد عمر، حيث إنه هو الذي وقع اللائحة وهو الذي أصدرها بعد التشاور مع مستشاريه أو من يصفهم أهل الحل والعقد في الحركة.
وأوضح أن اللائحة تفصل كيفية حل النزاعات الداخلية في الحركة من ناحية وبين الحركة والمواطنين الأفغان، حيث إنها شددت على عدم التعرض للمدنيين بشكل أو بآخر، وبأن الحركة لا تضمن أمن من يرفض مغادرة ساحة المعركة أو يفضل العمل مع الحكومة أو القوات الأجنبية.
وأوضح المراسل بأن هذه أول مرة تصدر فيها الحركة لائحة مكتوبة يمكن الرجوع إليها، وأن هدف إصدارها قد يكون إيصال رسالة إلى الحكومة والدول المتحالفة معها وخاصة الولايات المتحدة بأن للحركة دستورا خاصة وأنهم يتعاملون وفق لوائح وقوانين.
من جهته قال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية ضياء رشوان إن أبرز ما يستشف من هذه اللائحة هو تركيز حركة طالبان على إعطاء الأولوية للقضايا ذات الطابع العسكري أو الميداني.
فالحركة -حسب رشوان- تريد أن تنظم القضايا الأمنية والعسكرية في هذه المرحلة التي ربما تعتقد أنها فاصلة من الناحية العسكرية، وهي تجاوز فوضى قد تقع إذا حدث فراغ عسكري أو أمني في أفغانستان نتيجة التراجع الواضح في أداء القوات الحكومية والأجنبية، على حد تعبيره.
بدوره قال الخبير الآخر في شؤون الجماعات الإسلامية منتصر الزيات إن هذه اللائحة تبين أن هناك تغيراً نوعياً في فقه الجهاد ونقلة نوعية في فكر وقراءة حركة طالبان في كيفية التعامل مع الأسرى والرهائن.
وأضاف أن الحركة "تريد أن تقول إنها تحررت من ال
ات العربية القاعدية" وأنها تريد أن تعيد التعامل الشرعي مع الرهائن أو الأسرى والذي ساده العشوائية في أغلب التنظيمات التي تدعي الانتماء إلى القاعدة في أماكن مختلفة من العالم.
وقال الزيات إن طالبان تقدم نفسها للمجتمع الدولي بأن بإمكانها العودة إلى الحكم بقميص جديد، وأنها "تريد أن تقول الآن إنها أفغانية أفغانية وأنها مرشحة للعودة من جديد للحفاظ على الأمن وذلك بتوليها الحكم بطريقة أو بأخرى".