بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله والصلاة والسلام على نبي الله.. أما بعد..
الرؤى والأحلام موضوعٌ تناوله الإعلام والناس في مجالسهم
وفي أطروحاتهم، موضوعٌ يمس المجتمع لحاجته إليه، في بيان أحكامه وأحواله،
نعم.. إنه موضوع راج سوقه في هذا الزمن، وعظُم الاهتمام به في هذا الوقت،
ولي مع هذا الموضوع وقفات وتأملات..
الوقفة الأولى: صح في الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الرؤيا الصالحة جزءٌ من ستةٍ وأربعين جزءا من النبوة".
الوقفة الثانية: قسم العلماء - رحمهم الله تعالى - فيما يراه النائم في منامه إلى ثلاثةِ أنواع وأقسام:
أولاً:
الرؤى الصالحة وهي بُشرى وفرح وتطمين وتثبيت وهي من عند الله - تعالى -
وهذه الرؤيا الصالحة لا تعدوا أن تكون من جنسِ المبشرات بإذن الله - تعالى
- فينبغي حمد الله - تعالى - على هذه الرؤيا والثناء عليه بما هو أهله؛
لأنها نعمة تفضَل الله - عز وجل - بها على العبد الصالح، ولا يحدّث بها
إلا من يحب ويتمنى له الخير في دينه ودنياه، ولا يعرضها أيضا إلا على لبيب
عالم ناصح موسوم بالصدق والأمانة وليحذر كل الحذر من أهل الهوى والتعالُم
والدعاية والتعبير.
ثانياً: حُلُم يكون من الشيطان وهو تحزين وتخويف وأذى، فيجب مُراعاة هذا الحلم وفق الضوابط الشرعية المحمدية المنصوص عليها في السنة النبوية، ومن هذه الضوابط:
أولا: التعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاثاً في الجهة اليسرى؛ لأنه سبب التحزين والخوف والهلع.
الثانية: التعوذ بالله من شر ما رأيت في المنام ثلاث مرات، فإنك إذا فعلت ذلك فإنها لا تضرك بإذن الله - تعالى -.
الثالثة: أن تنفث عن يسارك ثلاث مرات، والنفث هو إخراج الهواء بشيء من الريق البسيط.
الرابعة: أن تتحول من الجنب الذي أنت عليه إلى جنب آخر، تفاؤلا أن يحول الله حالك إلى حال أحسن وأفضل.
الخامسة: متى ما تكرر هذا الحلُم وهذه الرؤيا المزعجة، فقم وتوضأ وصل لله ركعتين، واعلم أنها لا تضرك إن شاء لله.
السادسة: حاول ألا تخبر بهذا الحلم أحدا، ولا
تشغل نفسك أو خاطرك بالتفكير فيه، فإنه لا يعدوا أن يكون من عدوك الشيطان
تحزينا لك وتخويفا وإفزاعا.
ثالثا: أضغاث أحلام وهو حديثُ نفس لا أثر له.
الوقفة الثالثة: أحكام تتعلق بالرؤى والأحلام.
الحكم الأول: أن
هذه الرؤى والأحلام لا يترتب عليها أيةُ أحكام شرعية دينية أو اعتقادات
لأن العلم والقول والاعتقاد توقيفي مبني على الوحي الشريف من كلام الله -
تعالى - القرآن وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - الصحيحة فقط.
الحكم الثاني: أنه
لا يُبني على تلك الرؤى أحكاما شرعية واعتقادات دينية وأحوالا مصيرية
وتصورات بدعية، وإنما فاعل ذلك هو من أهل المتصوفة وأهل البدعة والخرافة
والشعوذة.
الحكم الثالث: أنه
ينبغي على المسلم العاقل ولا سيما أخواتُنا من النساء أن يحذروا كل الحذر
من مُدعي التعبير من المتعالمين والجهال وأهل الكذب والشعوذة والخرافة
والكهانة الذين يدّعون علم الغيب، ويروجون على الناس بدعوى تعبير
المنامات.
الحكم الرابع: أن
لا يعرضَ المسلم ما يشُدُ الحاجةَ إلى تعبيره من منامه، إلا على أهل العلم
والصدق والخبرة والدِيانة فقط، ويحذر مِن سواهم أشد الحذر، سلامة لعرضه
وبراءة وصِيانة لعقيدته ودينه.
الحكم الخامس: أنه
لا يسوغُ للمؤمن أن يسأل عن كل رؤى ومنام رآه، بل يكون عاقلا فطنا، كما
أنه لا يليق به أن يضيع أوقاته للجلوس لتعبير الرؤى، أو نشر الهواتف
والعنوانين، والمراسلات عبر وسائل الإعلام من إنترنِت وقنوات وهواتف وبريد
وغيرها، وإبراز وسائل الإعلام للقضايا الشخصية والمنامات الخاصة، فإن هذا
من عدم الستر، ومن الترويج الفاسد لهذه البضاعة الكاسدة، ومن تضليل الناس
وتشويه عقولهم وقلوبهم .
أسأل الله بمنه وكرمه أن يلهمنا رشدنا، وأن يوفقنا للفقه
في دينه، ويرزقنا الثبات عليه وأن يتولانا برحمته وأن يختم لنا برضوانه
وأن يعيذنا من أسباب الفتنة في النفس والعرض والدين، وصلى الله وسلم على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سلمان بن يحي المالكي