أثبتت الأبحاث الإكلينيكية، طبقاً لتقرير «المجلس القومي للصحة والبحث
الطبي الأسترالي» أن للعوامل النفسية والآثار العصبية الناتجة من الحدّ من السعرات
الحرارية تأثيراً قوياً على معدّل التمثيل الغذائي، من خلال الجهاز العصبي
التلقائي، والذي يتألّف من الفرع السمبتاوي ذي التأثير المنشّط مقابل الفرع
اللاسمبتاوي الذي يملك تأثيراً مسكّناً. وتشير هذه الدراسة إلى أن سيطرة أي من
الفرعين، قد تؤثّر في توزيع الدهون في الجسم، وأن الحدّ من السعرات الحرارية
والحرمان من الطعام قد يحبط الفرع السمبتاوي النشط، ما قد يعوق عملية إنقاص الوزن
لدى غالبية متتبّعي الحميات الغذائية.
«سيدتي» اطّلعت من الإختصاصي في التغذية العلاجية الدكتور شريف الأسلمي على
التقنيات الحديثة في البرمجة اللغوية العصبية ومدى تأثيرها على إنقاص الوزن.
ثمة عدد من أساليب البرمجة اللغوية العصبية والتي تتحرّك تلقائياً داخل
عقلنا الباطن مسؤولة عن حالة التحكّم الذاتي بتناول أنواع الطعام، تتبعها مجموعة
من البرامج التي تتجاوب مع التغذية السليمة للفرد حتى تبقى في مسارها المحدّد،
وذلك من خلال استخدام تقنيات مستحدثة من المستويات المنطقية للبرمجة اللغوية
العصبية، ومن أبرزها:
- مستوى السلوك: يقضي باختيار الطريقة الأفضل لإنقاص الوزن، وذلك من خلال
الفهم الجيد لمستوى القدرات الشخصية. وفي هذا الإطار، يفضّل البعض اتّباع حمية
خفيفة معزّزة ببرنامج رياضي، بينما تميل الغالبية حسب أحدث الإحصاءات العالمية إلى
اتّباع برنامج غذائي صارم بأقل مجهود ممكن.
- مستوى القدرات: يعتمد على الفهم الجيد لطبيعة الغذاء المتوازن، ويحفّز
على اختيار الطعام الصحي والإلتزام به لفترات طويلة، سواء على المستوى الشخصي أو
الإجتماعي، إذ بيّنت الدراسات الحديثة أن الإستمرار في اتّباع أية حمية غذائية
ونجاحها في إنقاص الوزن يعتمد على الدعم النفسي والمشاركة الوجدانية من الأسرة أو
الأصدقاء، ما يعزّز الإرادة في الوصول إلى الهدف.
- مستوى البيئة: يقوم على اختيار البيئة المناسبة التي تشمل المكوّنات
الإجتماعية والنفسية والعقلية والبدنية التي يجب أن تحوط الفرد بمجرّد تجاوزه
لمرحلة التخلّص من الوزن الزائد، في ظلّ بيئة جديدة خالية من السلوكيات الضارّة
المرتبطة بالتاريخ الغذائي.
تقنيات حديثة
يعدّد الدكتور الأسلمي التقنيات الحديثة في البرمجة اللغوية العصبية والتي
أثبتت كفاءتها في الحدّ من تناول بعض الأطعمة ذات القيمة الغذائية المنخفضة، والتي
يحكى خطأً على أنّها استجابات نافعة في مواجهة أحداث معيّنة، على غرار ارتباط فكرة
تناول الشوكولاته أو صنوف الحلويات المختلفة عند الشعور بالوحدة أو الحزن، وذلك
بوصفها طعاماً باعثاً للسعادة والراحة. وبالطبع، تعرف هذه الطريقة بـ «البرمجة
السيّئة»، ما دفع إلى استحداث تقنيات جديدة في مواجهة البرمجة التلقائية المختزنة
في العقل الباطن، وأبرزها:
تقنية مثلثة المصادر
تشكّل واحدة من تقنيات البرمجة اللغوية العصبية التي تمّ تطويرها أخيراً،
وتتمثّل في التدريب على مبدأ التفكير المزدوج والمختصر المرتكز على المزج ما بين
شعورين مختلفين في آن واحد. ويفيد استخدامها في حال التفكير السلبي بسلوكيات ضارّة
قد تعوق عملية إنقاص الوزن، على غرار تناول بعض الأطعمة عديمة الفائدة طلباً
للراحة أو هرباً من بعض الضغوط النفسية أو لرغبة ملحّة في تناول طعام مرتبط بوقت
محدّد كتناول قطع الكيك ذي النكهات أو البسكويت في تمام الخامسة عصراً، ثم مزج هذا
التفكير بالتفكير الإيجابي الذي يساعد على التخلّص الفوري من الأثر الإنفعالي
للفكرة السلبية في غضون 15 دقيقة فقط. وفي هذا الإطار، يمكن الجمع ما بين الشعور
السلبي بالفشل في الإلتزام بلائحة الطعام الصحية والشعور الإيجابي المتمحور حول
تعزيز الصورة الذاتية عند التخلّص من الوزن الزائد والإستمتاع بالشكل الجديد في
قضاء العطلات أو الذهاب إلى المنتجعات البحرية، ما يعمل على التخلّص من أي عائق
يحول دون تناول أنواع الطعام الصحيّة أو ممارسة القدر الكافي من الرياضة
تقنية التفكير الخيالي
تعتمد هذه التقنية على الإقتداء بنموذج شخص نحيف ومحاكاة سلوكياته التي
تولّد سلسلة من المشاعر الداخلية والإنفعالات المؤثّرة على عملية إنقاص الوزن، كما
تساعد على التخلّص النهائي من أي شعور قهري أو مسيطر تجاه تناول أنواع الطعام عديم
الفائدة، وذلك بالتدقيق في اختيار صنوف الأطعمة أو المشروبات التي تدخل ضمن لائحة
الوجبات اليومية، من خلال التفكير الإيجابي كشخص نحيف. فالنحافة استراتيجية سلوكية
تعمل بشكل تلقائي في العقل الباطن، عندما تكون هناك حالة داخلية من المشاعر
المحفّزة التي تدعمها وتمدّها بالطاقة اللازمة لتحقيقها، كالتفكير الإيجابي في
الحصول على وظيفة مناسبة ومظهر لائق وأصدقاء جدد عندما أكون شخصاً نحيفاً، ما
يجعلها وسيلة وقائية من الفشل ومشجّعة على إنقاص الوزن.
تقنية التحرّر العاطفي
نظام علاجي يتصدّى بشكل فعاّل للإستجابات التلقائية في العقل الباطن، ما
يعمل على إبطال البرمجة العصبية غير الواعية، من خلال إصلاح الصورة الذاتية للشخص
والتأكّد من قبول العقل الباطن لها، ما يساعد على التحرّر العاطفي من تناول أنواع
معيّنة من الطعام، والتقبّل الجيد للذات من خلال استخدام وتكرار لبدايات ونهايات
بعض العبارات، كـ: «رغم أن إنقاص الوزن صعب، إلا أن الحياة الصحية أفضل» أو «رغم
أن الحرمان من الطعام المحبّب مشكلة، إلا أن الشعور بالحرية أقوى»، ما يزيد الثقة
ويحرّر من المشاعر السلبية المرتبطة بالذكريات القديمة التي تتشكّل خارج إطار
العقل الواعي، من خلال مجموعة من العوامل الخفيّة التي تؤثّر في حياتنا دون شعور
منّا، محدثة زيادة الوزن على المدى الطويل.
هامّ لك...
عزّزي مفهومك للبرامج المتغيّرة، وهي مجموعة العوامل التي
تبقي العقل الباطن مسيطراً على توجيهه وإدارته لنظامك الغذائي حتى خارج نطاق إنقاص
الوزن، وذلك من خلال تنشيط العوامل المحفّزة والإقلال من عوامل الندم التي تولّد
مشاعر سلبية بإفساد كل الجهد المبذول من مجرد تناول وجبة مخالفة، ما يخلق لا إرادياً
شعوراً بالفشل وعدم القدرة على المواصلة.
تخلّصي من عاداتك الغذائية الخاطئة، وذلك بمعرفة السلبيات
التي تحيط بزيادة الوزن للوصول إلى النحافة أو الايجابيات التي تحيط بزيادة الوزن،
مع علاجهما بالإبقاء على الإيجابيات الخاصة بالنحافة حصراً.
حددي هدفك بطريقة إيجابية، وذلك بالتفكير
الإيجابي في القيام بعمل أي شيء، على أن يكون الهدف بدنياً وليس شعوراً داخلياً،
ما يحافظ على استمرارية الحافز داخلك لأطول فترة ممكنة.
اجعلِي هدفك في إنقاص الوزن ذاتي الإشباع وقابلاً للتعديل،
بحيث لا يعتمد على إسهامات الآخرين، كما أنه يجب ألا يخضع للأحداث الخارجة على
نطاق السيطرة، وأن يكون متسقاً مع باقي الأهداف والمبادئ الأساسية للحمية، ممّا
يمكن من تنفيذه والتعامل معه بفاعلية.
التزمي بأداء بعض الاستجابات النفسية التي
يستطيع العقل الواعي إدراكها والتكيّف معها، كالتخفيف من تناول الأطعمة السريعة
لادراك العقل الواعي خطورة احتوائها على سعرات حرارية عالية وقيمة غذائية منخفضة،
ما يوجب الحظر منها.
ان الشعور بمقاومة إغراءات الطعام إشارة بأنك لم
تستكملِي العلاج بدرجة كافية، وأنك ما زلت في مرحلة إلزام النفس على مقاومة
الطعام.وينصح الخبراء، في هذه المرحلة، بانتقاء الأنواع الجيّدة من الطعام الصحّي
وإدراك أهميتها، مع محاولة الالتزام بها لدى ممارسة بعض الأنشطة اليومية المحبّبة
كمشاهدة التلفاز أو العمل على الكومبيوتر، ما يعمل على سرعة قبولها وتطبيقها كنمط
غذائي يومي، بعيداً عن الشعور بالحرمان.